((وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ..

أخرجوها من غرفة العمليات أعصابه مشدودة ، شعر بارتياح حين رآها بخير ركض إليها مسرعا
ماذا رزقت ؟

قالت بصوت خافت : أنثى

سحائب من الحزن جثمت على محياه قالت أمها إنها جميلة أسميتها فرح

نظر إليها شفاه فرح الطرية تتحرك و كأنها تبتسم لوالدها و لكن عيونه كانت تتحدث : لماذا أتيت ؟

كم انتظرت مولودا ذكرا زوجتي مريضة ربما لا أرى أبداً الولد!

مرّت الأيام فرح تكبر وتحلو و أبوها غير مكترث بها

صار عمرها ثلاث سنوات عيناها الزرقاوان تلمعان وتسحران كل من يراهما إلا أبوها .

و في يوم من الأيام عاد الأب من العمل فوجد زوجته على الباب في ثياب الخروج

سألها : إلى أين في هذا الوقت ؟ أبي مريض نقلوه إلى المستشفى أريد أن أراه : إذن أوصلك

لا ابق أنت مع فرح سيأتي أخي ليأخذني يوجد كيس سكاكر لفرح إذا ما بكت لن أتأخر

ذهبت الأم و بدّل الأب ثيابه و جلس على الأريكة

كانت فرح تجلس على الأرض تداعب دميتها و ثغرها الجميل يرسم ابتسامة كأنها تستدر عطفه

خذي هذه السكاكر اللذيذة : قالها الأب قاطب الجبين
احتضنت فرح السكاكر و كأنها أمسكت كنزا ثمينا وراح
ت تأكل هي و دميتها من السكاكر

جلس الأب يشاهد التلفاز ثم أحس بتعب شديد نظر إلى فرح الصورة تهتز في عينيه من شدة التعب

اصفر لونه و بدا كأنه يشعر بالاختناق القلب ينبض بسرعة
حاول الوصول إلى الهاتف لكنه سقط و لم يعد يرى شيئا

عرف أنه الموت و فجأة شعر بنًفًس قربه آه إنها فرح قال في نفسه
مشت فرح نحوه المسكينة لم تعرف ماذا ستفعل ؟

أخرجت السكرة من فيها وضعتها في فم أبيها و كأنها تسترضيه
بما تملك وضمت رأسه بكلتا يديها وهي تبكي خائفة

بدأت أمارات الارتياح تظهر على وجهه
ثم عادت الزوجة و احضرت الطبيب من فورها فأجرى له الفحوص

وقال : أصبت بانخفاض حاد في السكر و كدت تموت و لكن هذه السكرة هي التي أنقذتك
أخذ يبكي كولد صغير ، استغرب الطبيب و انسحب لا يدري لم هذا البكاء ؟

نادى زوجته : أم فرح ،أول مرة يناديها أم فرح احضري فرح ،
ضم زوجته و هي تحمل ابنتها و قال لها :سامحيني أرجوك ، سامحني يا الله ، اغفر لي ،حمدا لك يا الله

((وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ )